[size=21]من كتاب
البحث العلمي
عبدالرحمن بن عبدالله الواصل
ص59.60.61.62
المقابلة:
تعرَّف المقابلة بأنها تفاعل لفظيٌّ بين شخصين في موقف مواجهة؛ حيث يحاول أحدهما وهو الباحث القائم بالمقابلة أن يستثيرَ بعض المعلومات أو التعبيرات لدى الآخر وهو المبحوث والتي تدور حول آرائه ومعتقداته، (حسن، 1972م، ص448)؛ فهناك بيانات ومعلومات لا يمكن الحصول عليها إلاَّ بمقابلة الباحث للمبحوث وجهاً لوجه، ففي مناسبات متعدِّدة يدرك الباحث ضرورة رؤية وسماع صوت وكلمات الأشخاص موضوع البحث.
وحيث يجب أن يكون للمقابلة هدفٌ محدَّد فلهذا تقع على الباحث الذي يجري المقابلة ثلاثة واجبات رئيسة:
1) أن يخبرَ المستجيبَ عن طبيعة البحث.
2) أن يحفزَ المستجيبَ على التعاون معه.
3) أن يحدِّدَ طبيعة البيانات والمعلومات المطلوبة.
4) أن يحصلَ على البيانات والمعلومات التي يرغب فيها.
وتمكِّن المقابلة الشخصيَّة الباحثَ من ملاحظة سلوك الأفراد والمجموعات والتعرُّف على آرائهم ومعتقداتهم، وفيما إذا كانت تتغيَّر بتغيُّر الأشخاص وظروفهم، وقد تساعد كذلك على تثبيت صحَّة معلومات حصل عليها الباحث من مصادر مستقلَّة أو بواسطة وسائل وأدوات بديلة أو للكشف عن تناقضات ظهرت بين تلك المصادر.
ويمكن تقسيم المقابلة وفقاً لنوع الأسئلة التي يطرحها الباحث إلى:
- المقابلة المقفلة: وهي التي تتطلَّب أسئلتها إجاباتٍ دقيقة ومحدَّدة، فتتطلَّب الإجابة بنعم أو بلا، أو الإجابة بموافق أو غير موافق أو متردِّد، ويمتاز هذا النوع من المقابلة بسهولة تصنيف بياناتها وتحليلها إحصائيـّاً.
- المقابلة المفتوحة: وهي التي تتطلَّب أسئلتها إجاباتٍ غير محدَّدة مثل: ما رأيك ببرامج تدريب المعلِّمين في مركز التدريب التربويِّ؟، والمقابلةُ المفتوحة تمتاز بغزارة بياناتها، ولكن يؤخذ عليها صعوبة تصنيف إجاباتها.
- المقابلة المقفلة - المفتوحة: وهي التي تكون أسئلتها مزيجاً بين أسئلة النوعين السابقين أي أسئلة مقفلة وأخرى مفتوحة فتجمع ميزاتِهما، وهي أكثر أنواع المقابلات شيوعاً، ومن أمثلة ذلك أن يبدأ الباحث بتوجيه أسئلة مقفلة للشخص موضوع البحث على النحو التالي: هل توافق على تنفيذ برامج تدريب المعلِّمين مساءً؟، ثمَّ يليه سؤال آخر كأن يكون: هل لك أن توضِّح أسباب موقفك بشيءٍ من التفصيل؟.
وتصنَّف المقابلة بحسب أغراضها إلى أنواعٍ من أكثرها شيوعاً (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص ص45-46) الأنواع التالية:
1- المقابلة الاستطلاعيَّة(المسحيَّة): وتستخدم للحصول على معلوماتٍ وبيانات من أشخاصٍ يعدَّون حجَّةً في حقولهم أو ممثَّلين لمجموعاتهم والتي يرغب الباحث الحصول على بيانات بشأنهم، ويستخدم هذا النوع لاستطلاع الرأي العام بشأن سياسات معيَّنة، أو لاستطلاع رغبات المستهلكين وأذواقهم، أو لجمع الآراء من المؤسَّسات أو الجمهور عن أمورٍ تدخل كمتغيِّرات في قرارات تتَّخذها جهةٌ معيَّنة منوط بها أمر اتِّخاذ القرارات، وهذا النوع هو الأنسب للأبحاث المتعلِّقة بالعلوم الاجتماعيَّة ومنها التربية والتعليم.
2- المقابلة التشخيصيَّة: وتستخدم لتفهُّم مشكلةٍ ما وأسبابِ نشوئها، وأبعادها الحاليَّة، ومدى خطورتها، وهذا النوع مفيد لدراسة أسباب تذمُّر المستخدمين.
3- المقابلة العلاجيَّة: وتستخدم لتمكين المستجيب من فهم نفسه بشكلٍ أفضل وللتخطيط لعلاج مناسب لمشكلاته، وهذا النوع يهدف بشكلٍ رئيس إلى القضاء على أسباب المشكلة والعمل على جعل الشخص الذي تجرى معه المقابلة يشعر بالاستقرار النفسيِّ.
4- المقابلة الاستشاريَّة: وتستخدم لتمكين الشخص الذي تجرى معه المقابلة وبمشاركة الباحث على تفهُّم مشكلاته المتعلِّقة بالعمل بشكل أفضل والعمل على حلِّها.
وهناك عوامل رئيسة ومهمَّة تساعد على الحصول على بيانات ومعلومات دقيقة بالمقابلة على الباحث أخذها باعتباره عند استخدامها، من أبرزها:
1) تحديد الأشخاص الذين يجب أن تُجْرَى المقابلةُ معهم بحيث يكونون قادرين على إعطائه المعلومات الدقيقة، وأن يكون عددهم مناسباً للحصول على بيانات ومعلومات كافية.
2) وضع الترتيبات اللازمة لإجراء المقابلة بتحديد الزمان والمكان المناسبين، ويستحسن أن تُسْـبَق المقابلة برسالة شخصيَّة أو رسميَّة أو بواسطة شخص ثالث تمهيداً للمقابلة.
3) إعداد أسئلة المقابلة ووضع خطَّة لمجرياتها ليضمن حصوله على المعلومات والبيانات المطلوبة، مع ضرورة الأخذ بالاعتبار مرونة بالأسئلة إذْ قد تفاجئه معلومات لم يتوقَّعها.
4) إجراء مقابلات تجريبيَّة تمهيداً للمقابلات الفعليَّة اللازمة للدراسة.
5) التدرُّب على أساليب المقابلة وفنونها لكي يكسب المستجيبين ولا يثير مخاوفهم ولا يحرجهم ويحصل على إجابات دقيقة وناجحـة.
6) التأكُّد من صحَّة المعلومات التي توفِّرها المقابلات بتلافي أخطاء السمع أو المشاهدة، وأخطاء المستجيب للزمن والمسافات، وأخطاء ذاكرة المستجيب، وأخطاء مبالغات المستجيب، وخلط المستجيب بين الحقائق واستنتاجاته الشخصيَّـة.
7) إعداد سجلٍّ مكتوبٍ عن المقابلة بأسرع وقت ممكن، فلا يؤخِّر الباحثُ ذلك إذا لم يتمكَّن من تسجيل المقابلة في حينها، فهو عرضة للنسيان والخلط بين إجابات المستجيبين، وعليه أن يستأذن المستجيب بتدوين إجاباته ويخبره بأهميَّتها في دراسته، فقد يرتكب الباحث أخطاءً بعدم الإثبات أو بالحذف أو بالإضافة أو بالاستبدال بسبب تأخير التسجيل، ولا شكَّ في أنَّ التسجيلَ بجهاز تسجيل يعطي دقَّة أكبر، ولكنَّ استخدام ذلك قد يؤثِّر على المقابلة.
مزايا المقابلة: تظهر للمقابلة كأداة لجمع البيانات والمعلومات لدى الباحث القدير على استخدامها بشكلٍّ علميٍّ وموضوعيٍّ في إجرائها وتدوينها وتحليل بياناتها مزايا أبرزها ما يأتي:، ذكر في: (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص52).
1) أنَّها أفضل أداة لاختبار وتقويم الصفات الشخصيَّة.
2) أنَّها ذات فائدة كبيرة في تشخيص ومعالجة المشكلات الإنسانيَّة.
3) أنَّها ذات فائدة كبرى في الاستشارات.
4) أنَّها تزوِّد الباحث بمعلومات إضافيَّة كتدعيمٍ للمعلومات المجموعة بأدوات أخرى.
5) أنَّها قد تستخدم مع الملاحظة للتأكُّد من صحَّة بيانات ومعلومات حصل عليها الباحث بواسطة استبانات مرسلة بالبريد.
6) أنَّها الأداة الوحيدة لجمع البيانات والمعلومات في المجتمعات الأميَّة.
7) أنَّ نسبة المردود منها عالية إذا قورنت بالاستبيان.
عيوب المقابلة: وللمقابلة عيوب تؤثِّر عليها كأداة لجمع البيانات والمعلومات أبرزها ما يأتي: ذكر في: (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص52).
1) إنَّ نجاحها يعتمد على حدٍّ كبير على رغبة المستجيب في التعاون وإعطاء معلومات موثوقة دقيقة.
2) إنَّها تتأثَّر بالحالة النفسيَّة وبعوامل أخرى تؤثِّر على الشخص الذي يجري المقابلة أو على المستجيب أو عليهما معاً، وبالتالي فإنَّ احتمال التحيُّز الشخصيِّ مرتفع جدّاً في البيانات.
3) إنَّها تتأثَّر بحرص المستجيب على نفسه وبرغبته بأن يظهرَ بمظهر إيجابيٍّ، وبدوافعه أن يستعدي أو يرضي الشخصَ الذي يجري المقابلة، فقد يلوِّن بعضُ المستجيبين الحقائق التي يفصحون عنها بالشكل الذي يظنُّونه سليماً.[/size]