أولا: تطور المداخل الخاصة بتأثيرات وسائل الإعلام:
اختلفت الآراء حول تأثيرات وسائل الإعلام ، وبغض النظر عن تباين هذه الآراء إلا أن هناك حقيقة ثابتة أن الهدف من عملية الاتصال هو إحداث التأثير وذلك عن طريق إعطاء المعلومات أو بناء موقف أو اعتقاد أو دفع للتصرف ، ويمكن أن نحدد المراحل التي مرت بها الاعتقاد في تأثيرات وسائل الإعلام إلى ثلاث مراحل وهى :-
المرحلة الأولى:
ركزت بحوث الاتصال من بداية القرن العشرين إلى أواخر الثلاثينات من هذا القرن في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا على بحوث تأثيرات وسائل الإعلام ، وساد الاعتقاد بين الباحثين في مجال الاتصال بأن وسائل الإعلام لها تأثيرات قوية وفعالة ، وأن الرسائل التي تبثها تلك الوسائل تمارس تأثيرا مباشرا Direct Impact على أفراد الجمهور ، وقد عرف هذا الاعتقاد بمدخل الرصاصة السحرية Magic Bullet Model فالرسائل من وجهة نظر هؤلاء الباحثين تشبه الرصاصة ، بحيث إذا وجهت وأطلقت بشكل مناسب ستصل إلى مراميها.
ومن أبرز الباحثين الذين عبروا عن هذا الاعتقاد "هارولد لازويل" Harold O. Lasswell الذي اهتم اهتماما بالغا بدراسة الدعاية Propaganda أثناء الحرب العالمية الثانية ، وأشار في كتاباته إلى التأثير المباشر لوسائل الإعلام ، وقدم مفاهيم مثل "الرصاصة" أو "مدخل الحقنة تحت الجلد" Hypodermic Model.
المرحلة الثانية :
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأ الاعتقاد في فعالية تأثيرات وسائل الإعلام ، فقد ذكر بعض الناخبين (1940) أنهم قد حددوا قرارهم الانتخابي قبل بداية الحملة الانتخابية وأن وسائل الإعلام تمدهم بالمعلومات الملائمة ، ولكنهم لا يعتمدون عليها في التصويت ، حيث يزداد الاعتماد على غيرهم ممن يتحدثون معهم ، في ضوء هذه النتائج بدأ "بول لازارفيلد" في التركيز على انتقال المعلومات على مرحلتين The two steps flow of information من وسائل الإعلام إلى قادة الرأي ، ومنهم إلى الجمهور، حيث اكتشف أن وسائل الإعلام لم يكن لها تأثير يذكر على سلوك الناخبين ، فعلى العكس.( )
من ذلك كان الاتصال المباشر عنصرا مهما يعمل بين وسائل الإعلام وبين تأثيرها على الناخبين، وأن الصحف والراديو تمدهم بالمعلومات الملائمة، ولكنهم لا يعتمدون عليها في التصويت.